داخل عملية “البطاقة الحمراء”: كيف يتم سحق الجريمة السيبرانية عالميًا في عام 2025

القوة الاستراتيجية وراء عملية “البطاقة الحمراء”

تُعدّ عملية “البطاقة الحمراء” اليوم نموذجًا عالميًا يحتذى به في مكافحة الجريمة السيبرانية. قادتها منظمة الإنتربول بالتعاون مع عملاق الأمن السيبراني Group-IB، وأسفرت عن توجيه ضربة قاضية إلى عصابات إلكترونية احترافية نفذت عمليات احتيال معقدة استهدفت الأفراد والشركات في إفريقيا. هذه العملية لم تكن فقط انتصارًا أمنيًا، بل كانت أيضًا ملحمة تكنولوجية استثنائية.

نشأة المبادرة

تم إطلاق عملية “البطاقة الحمراء” بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025 استجابةً لتصاعد الجرائم الإلكترونية في القارة الإفريقية، من بينها الاحتيال المصرفي والاحتيال الاستثماري واختراق التطبيقات. الإنتربول أدرك الحاجة العاجلة إلى تعاون دولي، فجمع بين القوى الأمنية والخبرات التقنية تحت سقف واحد.

وقد شكّل دخول Group-IB عنصر التغيير الحقيقي، بفضل ما تمتلكه من أدوات تحليل متقدمة، وذكاء اصطناعي، ومنصات تتبع سيبرانية دقيقة.

دور Group-IB الحيوي

لم تكتفِ Group-IB بالدعم الفني، بل كانت العمود الفقري للعملية. من خلال مركز مقاومة الجرائم الرقمية (DCRC)، زودت الجهات الأمنية بمعلومات استخباراتية قابلة للتنفيذ عن البنية التحتية الرقمية للمجرمين، كما حللت البصمة الإلكترونية الكاملة لأفراد العصابات.

واعتمدت على منصة إدارة المخاطر الموحدة الخاصة بها لرصد التهديدات في الزمن الحقيقي، مما مكّن فرق التحقيق من تحديد أماكن المشتبه بهم وطرقهم التقنية بدقة مذهلة.

حملات مداهمة ضخمة عبر إفريقيا

لم تكن العملية محصورة في بلد واحد، بل شملت سبع دول إفريقية، في واحدة من أوسع حملات مكافحة الجريمة الإلكترونية في القارة.

أبرز الاعتقالات والشبكات المفككة

تم اعتقال 306 مجرمين إلكترونيين، بينهم محترفون في الاحتيال الرقمي وغسل الأموال. صادرت السلطات أكثر من 1,800 جهاز إلكتروني من هواتف ذكية، وحواسيب، وأبراج سيرفرات، وأجهزة خداع اتصالات.

في رواندا، اعتُقل 45 شخصًا من شبكة متطورة استخدمت الهندسة الاجتماعية لسرقة أكثر من 305,000 دولار خلال عام 2024.

تفصيل النتائج حسب الدول: نيجيريا، زامبيا، جنوب إفريقيا

• في نيجيريا، ألقي القبض على 130 مشتبهًا، من بينهم 113 أجنبيًا، شاركوا في إنشاء منصات استثمار وهمية وكازينوهات إلكترونية غير شرعية. صودرت 685 جهازًا إلكترونيًا، و26 سيارة، و39 قطعة أرض.

• أما في جنوب إفريقيا، فكشفت التحقيقات عن شبكة تزوير باستخدام صناديق شرائح الاتصال، سمحت بتحويل المكالمات الدولية إلى محلية، مما سهل تنفيذ حملات تصيد احتيالي عبر الرسائل النصية. تم ضبط أكثر من 1,000 شريحة اتصال و53 حاسوبًا.

• وفي زامبيا، تمكنت السلطات من إحباط عملية اختراق واسعة استهدفت تطبيقات المراسلة والخدمات المصرفية عبر برمجيات خبيثة أُرسلت في رسائل تصيّد.

كيف عمل المحتالون: أدواتهم وأساليبهم التقنية

لفهم أهمية الانتصار في عملية “البطاقة الحمراء”، من الضروري التعمق في أساليب الجريمة السيبرانية.

الهندسة الاجتماعية وصناديق الشرائح

اعتمد المحتالون على الهندسة الاجتماعية، منتحلين صفات موظفي شركات اتصالات أو منظمات إنسانية، لإقناع الضحايا بالكشف عن بياناتهم أو إرسال أموال طارئة.

كما استخدموا صناديق الشرائح (SIM Box)، وهي أدوات تتيح إخفاء مصدر المكالمات وتحويلها لمكالمات محلية، مما ساعدهم على إرسال آلاف الرسائل الاحتيالية يوميًا.

استغلال تطبيقات المراسلة و”كِتات” التصيّد

تم استغلال منصات مثل واتساب وتيليغرام لإرسال روابط مزروعة ببرمجيات تجسس. وبمجرد النقر عليها، يُصاب الجهاز ببرامج خبيثة تتيح للمحتالين التحكم الكامل في الهاتف، وسرقة الحسابات المصرفية، أو حتى إرسال الرسائل الاحتيالية لجهات الاتصال دون علم المستخدم.

مركز Group-IB: القلعة الرقمية للمواجهة

يُعتبر مركز DCRC الإقليمي التابع لـ Group-IB في الشرق الأوسط وإفريقيا وتركيا هو مركز العمليات الحقيقي في هذه المعركة الرقمية.

ذكاء اصطناعي يقود الاستخبارات

من خلال أدوات Threat Intelligence & Attribution، تمكن المركز من رسم صورة كاملة للمنظومة الإجرامية الرقمية، بدءًا من هوية القراصنة، وصولًا إلى الشبكات التي يتعاملون معها، مما مكّن السلطات من ربط الهجمات ببعضها.

التقنية والفرق والعمليات

استخدم الخبراء تقنيات تحليل متعددة اللغات، ومراقبة الزمن الحقيقي، وأدوات تحليل رقمية عميقة لتحويل البيانات الخام إلى أدلة قانونية موثوقة.

في تطور خطير، كشفت التحقيقات وجود مؤشرات على الاتجار بالبشر، حيث وُجدت حالات لأفراد أُجبروا على العمل في العمليات الاحتيالية تحت الإكراه.

مركز Group-IB: القلعة الرقمية للمواجهة

لماذا هذه العملية مهمة: الدروس والتأثير والمستقبل

لا تمثل “البطاقة الحمراء” إنجازًا أمنيًا فقط، بل تُعدّ حجر أساس لرؤية جديدة في الأمن السيبراني العالمي.

مستقبل التعاون السيبراني

أثبتت العملية أن مواجهة الجريمة الرقمية تتطلب تعاونًا فوريًا، وشفافية معلوماتية، وشراكة حقيقية بين الحكومات والشركات التقنية. من المتوقع أن تنمو تقنيات التنبؤ الجرمي بالذكاء الاصطناعي، وإثبات الأدلة عبر تقنيات البلوكتشين.

كيف نحمي أنفسنا من هذه التهديدات؟

سواء كنت فردًا أو شركة، فالحماية السيبرانية أصبحت ضرورة لا خيارًا:

• اعتماد سياسة “عدم الثقة Zero Trust”

• تفعيل المصادقة الثنائية (2FA)

• التدريب المستمر على كشف محاولات التصيّد

• تحديث الأنظمة والتطبيقات باستمرار

• استخدام منصات حماية شاملة مثل Unified Risk Platform

الأسئلة الشائعة

ما هي عملية “البطاقة الحمراء”؟
هي حملة مشتركة بين الإنتربول وGroup-IB لتفكيك شبكات إجرامية إلكترونية في إفريقيا.

كم عدد المعتقلين؟
تم اعتقال 306 مشتبهين في دول متعددة، أبرزها نيجيريا ورواندا وجنوب إفريقيا.

ما أنواع الجرائم التي تم اكتشافها؟
أبرزها الاحتيال المصرفي، والهندسة الاجتماعية، والتصيّد عبر تطبيقات المراسلة.

ما هو دور Group-IB؟
توفير بيانات استخباراتية رقمية وتحليل البنية التحتية السيبرانية للمجرمين.

ما نوع المعدات التي تم ضبطها؟
أكثر من 1,800 جهاز بين هواتف ذكية، حواسيب، شرائح اتصال، وأدوات تصيّد.

كيف يمكنني حماية نفسي؟
عدم النقر على روابط مشبوهة، استخدام التوثيق الثنائي، والتحقق دائمًا من هوية المرسل.

تُعد عملية “البطاقة الحمراء” نقطة تحول مفصلية في تاريخ مكافحة الجرائم السيبرانية. وبفضل التعاون غير المسبوق بين Group-IB والإنتربول، أصبح لدينا دليل حي على أن التقنية يمكن أن تكون أداة للعدالة وليس للدمار. هذه العملية لا تُغلق ملفًا، بل تفتح عهدًا جديدًا في الحرب على الجريمة الرقمية، عنوانه: الردع الذكي والتعاون الدولي.

للمزيد من المعلومات، تفضل بزيارة: www.group-ib.com