لم يعد مستقبل الدول يُقاس فقط بحجم احتياطاتها النفطية أو قوتها المالية، بل بقدرتها على التحكم في البيانات. ففي عالم اليوم، لم تعد الخوادم مجرد أجهزة مخفية في مراكز البيانات، بل أصبحت محركات الذكاء التي تقود الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأمن المالي، والتحولات الطبية.
ولهذا فإن إطلاق خوادم “صناعة سعودية” من HPE وAMD في منشأة الفنار بالرياض يتجاوز كونه خبرًا تقنيًا عاديًا. إنه إعلان بأن المملكة لم تعد تكتفي باستهلاك التكنولوجيا، بل باتت تصنعها وتطورها وتشاركها مع العالم. إنها خطوة جريئة نحو رؤية 2030 التي تسعى لجعل السعودية مركزًا عالميًا للاقتصاد الرقمي.
الخوادم “صناعة سعودية”: كيف تعيد HPE وAMD رسم مستقبل الرقمنة في الشرق الأوسط
في أغسطس 2025، شهدت الرياض حدثًا يتجاوز مجرد إطلاق منتج جديد. فقد تعاونت هيوليت باكارد إنتربرايز (HPE) مع AMD وشركة الفنار للكشف عن أول خوادم “صناعة سعودية” مدعومة بمعالجات AMD EPYC. للوهلة الأولى قد يبدو الأمر مجرد إعلان تقني آخر، لكنه في الحقيقة يمثل نقطة تحول في مسيرة استقلالية الشرق الأوسط الرقمية.
لماذا هذا الحدث مهم؟
العالم اليوم يسير بوتيرة متسارعة، حيث لم يعد التعامل مع البيانات مجرد أرقام داخل الأجهزة، بل أصبح موردًا استراتيجيًا يعادل النفط في قيمته. البيانات اليوم تصنع القرارات، تحرك الاقتصادات، وتشكل ركائز الأمن الوطني. ومن هنا، فإن تصنيع خوادم متطورة داخل المملكة لا يتعلق فقط بالسرعة والأداء، بل يتعلق بالسيادة الرقمية، وبناء المهارات، وتأسيس البنية التحتية اللازمة لتحقيق رؤية السعودية 2030.
خوادم سعودية: HPE وAMD تدفعان برؤية 2030 والتحول الرقمي في الشرق الأوسط
تعرف على HPE ProLiant DL365 وDL385
الخوادم التي تقود هذه الخطوة — HPE ProLiant DL365 وDL385 من الجيل الحادي عشر — ليست أجهزة عادية. فقد صُممت للتعامل مع أحمال البيانات الضخمة، وهي مدعومة بمعالجات AMD EPYC من الجيلين الرابع والخامس. نحن نتحدث عن آلاف الأنوية، عرض نطاق واسع للذاكرة، وأداء موفر للطاقة يمكنه إدارة كل شيء من تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي إلى التحليلات المالية اللحظية.
بالنسبة للشركات في السعودية ومصر والأردن ودول الخليج، تمثل هذه الخوادم:
السرعة والتوسع: تحليل كميات هائلة من البيانات في ثوانٍ.
الكفاءة الطاقية: خفض التكاليف مع تقليل البصمة الكربونية، بما يتماشى مع الاستثمارات المتنامية في الاستدامة.
الأمان المدمج: حماية البيانات الحساسة في القطاعات الحكومية والمالية والطبية.
المرونة التشغيلية: أنظمة قابلة للتكيف مع احتياجات النفط والغاز، الرعاية الصحية، الاتصالات، والمدن الذكية.
HPE ProLiant DL365 وDL385
أبعد من الأجهزة: بناء القدرات والكوادر
ما يجعل هذا الإنجاز مختلفًا هو أثره على المنظومة التقنية المحلية. فـ HPE وAMD لا تطرحان خوادم فحسب، بل تستثمران أيضًا في برامج تدريب وتأهيل للكفاءات السعودية، بما في ذلك الكوادر النسائية، لقيادة وتشغيل هذه التقنيات. وهكذا تنتقل المملكة من مستهلك للتكنولوجيا إلى صانع ومطوّر لها.
ومع مساهمة الفنار في التصنيع المحلي، لا يقتصر الأثر على المنتجات بل يتعداها إلى تأسيس خبرات وكفاءات وطنية تبني مستقبلًا تقنيًا قائمًا على الابتكار والمعرفة.
الارتباط برؤية السعودية 2030
رؤية السعودية 2030 لا تقتصر على تنويع الاقتصاد، بل تهدف إلى وضع المملكة في موقع الريادة كمركز عالمي للاقتصاد الرقمي. والخوادم المحلية عالية الأداء تمثل حجر أساس في هذا التحول. فهي تدعم:
الذكاء الاصطناعي: تدريب النماذج داخل المملكة بدلًا من الاعتماد على مراكز بيانات أجنبية.
الرعاية الصحية الرقمية: من أبحاث الجينوم إلى التشخيص المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
الخدمات المالية: معالجة آمنة وسريعة للمعاملات المصرفية.
المدن الذكية: تحليل البيانات اللحظي لإدارة الطاقة والنقل والسلامة العامة.
نحو المستقبل
إطلاق هذه الخوادم ليس مجرد حدث محلي، بل إشارة قوية إلى أن المنطقة لم تعد تنتظر استيراد المستقبل، بل تعمل على صناعته. ومع كفاءة AMD، وخبرة HPE العالمية، وطموح السعودية، يضع الشرق الأوسط لنفسه موطئ قدم في الاقتصاد الرقمي العالمي.
أما بالنسبة للشركات عبر المنطقة، فهذا يعني مزيدًا من الخيارات، ووتيرة ابتكار أسرع، وبنية رقمية أقوى — صُنعت في السعودية، وموجهة للعالم.
الأسئلة الشائعة
لماذا تعتبر الخوادم “صناعة سعودية” مهمة؟
لأنها تمثل السيادة الرقمية، وتمنح المملكة والمنطقة قدرة أكبر على التحكم في البنية التحتية الحيوية، وحماية البيانات، وتعزيز الابتكار المحلي.
ما استخدامات خوادم HPE ProLiant DL365 وDL385؟
تُستخدم في معالجة أحمال البيانات الضخمة مثل تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي، وخدمات الحوسبة السحابية، والمعاملات المالية، وأنظمة الرعاية الصحية، وتطبيقات المدن الذكية.
ما الذي يميز معالجات AMD EPYC؟
توفر عددًا كبيرًا من الأنوية، وكفاءة عالية في استهلاك الطاقة، ومستويات قوية من الأمان، مما يجعلها مثالية للحوسبة عالية الأداء والبنية التحتية المستدامة.
كيف يدعم هذا المشروع رؤية السعودية 2030؟
من خلال التصنيع المحلي، وتطوير الكفاءات الوطنية، ودعم الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية والبنية التحتية الرقمية، يساهم المشروع مباشرة في تحقيق أهداف الرؤية.
هل ستفيد هذه الخوادم دولًا أخرى في الشرق الأوسط؟
نعم. فإلى جانب توفرها في المملكة، ستكون الخوادم متاحة في مصر والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي لدعم الاقتصاد الرقمي الإقليمي.
